القصر الملكي الزياني تلمسان
فن العمارة الاسلامية
يتردد تاريخ مدينة تلمسان في صدى حجارة هندستها المعمارية المتراصة، بتخوم وقلاع تبقى شاهدا على حضارة مرت من هنا. وتستحضر هذه المباني التاريخية حياة الملوك والسلاطين الذين مروا بها في تلك الفترة وتلهم كل من يمر بها، ويعد قصر المشور القلعة العتيدة واحدا من هذه التخوم التي تشي بمكانة من عاش فيها، وتوثق لفترة تاريخية هامة. دليلي السياحي هذه المرة رجل بذاكرة الفيل، إنه يحفظ تاريخ المكان لحظة بلحظة وكأني به آت من ذلك الزمن الجميل، خاصة حينما تتسع عيناه كلما حاصرته بالأسئلة، فيحتضنها بطريقة الراوي الحكيم، ليعطيني الزمان والمكان والأجواء مع الخيال، حدثني فقال: يعد المرابطون هم أول من حط الرحال بالمكان الذي أصبح فيما بعد معروفا بقلعة المشور، ثم جاء السلطان “يغمراسن” الذي كان في بداية حكمه يقيم في القصر القديم بتلمسان، إلى غاية بناء صومعة المسجد، التي يبلغ طولها حوالي 25 مترا ذات طابقين وزوايا مربعة التصميم، ومع الوقت صارت المئذنة تطل على القصر وتشرف على صحنه، وعندئذ اضطر السلطان إلى تغيير مقر إقامته حتى لا يترك مجالا للمؤذن وغيره، لرؤية داخل القصر وحتى لا يعرض حريمه لنظرات الأجانب والمتطفلين، فقرر تشييد قصر جديد يليق بمقام الملوك، ويتطابق وتقاليد السلاطين المسلمين في ذلك الوقت، فاختار مكانا بجنوب المدينة وبنى فيه قصره، وهو عبارة عن قلعة أو قصبة، وسماه المشور تمييزا له عن القصر القديم، وقام بتخطيط القصر على شكل قلعة، مستطيل الشكل طول ضلعه 490م وعرضه 280م، ويقال إن كلمة المشور تعني المكان الذي يعقد فيه أمير المسلمين السلطان اجتماعاته مع وزرائه وكتابه وضباطه، لمناقشة شؤون الدولة والتشاور في أمور الرعية وقت السلم ووقت الحرب، وفي سنة 717هـ/1317م أضاف له السلطان أبي حمو موسى الأول (707-718هـ/1307م-1318)، معلمين معماريين آخرين هما قصر ومسجد خاص بالأمراء ورجال الدولة والأعيان، يؤدون فيه صلاة الجمعة والصلوات الخمس، ويحيط بالمشور سور عال يضم قصورا عديدة صغيرة، إلى جانب قصر السلطان، مبنية بأسلوب معماري فني بديع ومزينة بزخرفة رفيعة، وبمحاذاة الأجنحة يتواجد في باحة القصر بستان وحوض مائي رحب تنتصب في منتصفه نافورة بها شرفات مسننة بلمسة عربية خالصة، مبرزة عراقة حضارة الدولة الزيانية في الجزائر، التي استلهمت أصول الفن المعماري من فن بلاد الأندلس بواسطة الرحالة والمهجرين الذين استقروا بتلمسان منذ ما يقارب العشرة قرون أو أكثر. وأهم ما يميز قصر المشور زخرفة عربية إسلامية، لجملة واحدة تتكرر على كل الجدران، في كافة الغرف والأجنحة، هي “العز القائم بالله الملك القائم بالله”، ليلفظك كل هذا الجمال لأحد البابين، واحد يقع في الجنوب ويطل على البادية تجاه الجبل وهو باب “الجياد”، وباب “الغدير” باتجاه وسط المدينة. ويؤكد المتحدث أن الأمير عبد القادر الجزائري أقام بهذا القصر مدة أربع سنوات كاملة خلال توقيع معاهدة “التافنة” مع الجنرال “بيجو”، ثم خرج منه بعد نقض المعاهدة، وفي فترة الاحتلال الفرنسي، تم تحويل القلعة إلى ثكنة عسكرية، وأزيلت العديد من الآثار التي كانت متواجدة به، كما حول قصر المشور إلى مستشفى عسكري، ثم إلى معلم ديني، كما كانت بالنسبة للمستعمرين الحصن المنيع الذي يؤمنهم من ضربات المجاهدين الجزائريين. وبحسب عدد من المراجع التاريخية، فإنّه ليس هناك تاريخ محدّدٌ لبناء هذا المسجد، غير أنّ تأسيسه تمّ، على ما يبدو، عقب بناء القلعة بمدة، ويُقال إنّ تاريخ بنائه كان عام 517 للهجرة، الموافق لـ 1124م، على عهد يوسف بن تاشفين، وهناك من يقول إنّ بني زيان هم الذين بنوه في القرن الرابع عشر للميلاد. يقع مسجد المشور على أرض مستوية، وقد شارك في نهضة تلمسان الثقافية والحضارية بشكل كبير، حيث استقبل عددا كبيرا من العلماء الكبار الذين درسوا فيه ورابطوا للوعظ والإرشاد، وتخرّجت على أيديهم أجيالٌ من طلبة العلم والأدباء والمحدّثين. وما يُؤكد دور هذا الجامع الريادي في الحركة الفكرية والعلمية لتلمسان قُربه من قصور الأمراء والسلاطين الذين عُرفوا في تلك الفترة بتقريب العلماء والفقهاء وأهل العلم والأدب. وقد واصل المسجد دوره الديني والثقافي طيلة قرون طويلة، إلى غاية الاحتلال الفرنسي لتلمسان سنة 1840م، وهو التاريخ الذي كان منعرجا حاسما في مهام هذا المسجد الذي حوّله الفرنسيون إلى كنيسة، حيث أزالوا سقفه وجدّدوه ليأخذ شكل كنيسة. وبقي المسجد مدة من الزمن على تلك الحال، إلى أن ركّز الاحتلال الفرنسي وجوده بتلمسان، وكثُر العنصر الأوروبي المسيحي، ما أدّى إلى تأسيس العديد من الكنائس خارج قلعة المشور، واستغنى الفرنسيون فيما بعد عن كنيسة المشور، وتحوّلت إلى مخزن ومستودع تابعين للمستشفى العسكري. وما إن تحرّرت الجزائر، حتى عاد المسجد إلى وظيفته الدينية الإسلامية التي ما يزال يقوم بها إلى يوم الناس هذا، إلى جانب العشرات من المساجد الشامخة العامرة التي تنتشر عبر أحياء مدينة تلمسان العريقة وأزقّتها. https://up.q-wada3.net/egy/do.php?img=432 https://up.q-wada3.net/egy/do.php?img=433 https://up.q-wada3.net/egy/do.php?img=434 https://up.q-wada3.net/egy/do.php?img=435 https://up.q-wada3.net/egy/do.php?img=436 https://up.q-wada3.net/egy/do.php?img=437 https://up.q-wada3.net/egy/do.php?img=438 https://up.q-wada3.net/egy/do.php?img=439 https://up.q-wada3.net/egy/do.php?img=440 https://up.q-wada3.net/egy/do.php?img=441 https://up.q-wada3.net/egy/do.php?img=442 https://up.q-wada3.net/egy/do.php?img=443 https://up.q-wada3.net/egy/do.php?img=444 https://up.q-wada3.net/egy/do.php?img=445 https://up.q-wada3.net/egy/do.php?img=446 https://up.q-wada3.net/egy/do.php?img=447 https://up.q-wada3.net/egy/do.php?img=448 https://up.q-wada3.net/egy/do.php?img=449 https://up.q-wada3.net/egy/do.php?img=450 https://up.q-wada3.net/egy/do.php?img=451 https://up.q-wada3.net/egy/do.php?img=452 https://up.q-wada3.net/egy/do.php?img=453 https://up.q-wada3.net/egy/do.php?img=454 |
يسلمو على هذا الطرح الجميل ويعطيك ألف عافية لك:icon100[1]: |
:200 (3): صواديف عشاق :200 (3):
حضور لاح بإطلاله السعد وعبير الود لروحكِ السكون اللامنتهى:1 (62): |
طرح جميل
تسلم اناملك على هذا الذوق الجميل ما ننحرم من فيض عطائك وابداعك ننتظر كل جديد يبوح به قلمك الراقي لك كل الشكر والود |
عطرت المكان بمرورك الطيّب
شكراً لك سمو :4555::4555::4555: |
الساعة الآن 03:50 AM |
Powered by vBulletin® Copyright ©2000 - 2024, Jelsoft Enterprises Ltd. TranZ By
Almuhajir
new notificatio by 9adq_ala7sas
User Alert System provided by
Advanced User Tagging (Lite) -
vBulletin Mods & Addons Copyright © 2024 DragonByte Technologies Ltd.