منتديات صواديف عشاق

لمحة عن شخصيات كرتونية خالدة ( كابروش )

http://up.s-eshq.com/do.php?img=85

http://up.s-eshq.com/do.php?img=86

في إحدى روائع الأدب العالمي ( البؤساء في نسختها الأصلية ) اللتي أتحفنا بها المؤلف الراقي (فيكتور هوغو) نسلط اليوم الضوء على أحد أبرز شخصيات هذه القصة و هي شخصية (( كابروش ))
عاش ( كابروش ) في بلدة ( مونفيرمي ) في أواخر القرن 19 ، كان طفلا ذكيا نشيطا و مفعما بالحيوية ، يعرفه كل سكان البلدة و يحبونه ، يقضي النهار بطوله يتجول و يلهو في أرجاء البلدة ، فتارة يساعد هذا و تارة يعمل مع هذه ، و تارة لا يفعل أي شيء غير اللعب و التسكع ، الحرية عنده فوق كل شيء ، حتى أنه لم يكن لديه وقت محدد لا للأكل و لا للنوم ، فقد يغيب لأيام عن النزل اللذي يعيش فيه دون أن يسأل فيه أحد ، و قد يأتي في الليل أو الصباح أو أي وقت يريده دون قيود كباقي الأطفال من سنه ...
بقي صديقنا يعيش على هذه الحال العشوائية اللتي كان سعيدا بها إلى أن جاء أهل النزل اللذي يقيم عندهم بخادمة من باريس ، فسمع بالخبر و انتابه الفضول لرؤيتها ، و عندما رآها أصيب بالدهشة !! لقد كانت فتاة شقراء جميلة كالبدر في تمامه ، فتاة لم تتجاوز السابعة من عمرها في ذلك الوقت !! ثم سأل كيف لطفلة مثلها أن تكون خادمة ؟ فعلم بعدها أنها مجرد عهدة لدى أصحاب النزل اللذين عوض الاعتناء بها حولوها لخادمة باذلال لهم و لأولادهم .
أقسم صديقنا الطيب على حمايتها منهم و الاعتناء بها رغم أنه مجرد طفل في 11 من عمره ، فتارة يسرق الطعام و يأتيها به ، و تارة يحررها ان سجنوها ، و تارة يشتري أشياء جميلة و يعطيها اياها بالخفاء ، و الوحيد اللذي يستمع لها و يلاعبها و يجبر بخاطرها ، صار أخا لها ، بل صار الأقرب لقلبها الصغير .
توالت الأيام و الشهور على هذه الحال ، و بدأ أهل النزل البغضاء يلاحظون ذلك ، و بدأو بطرده كلما رأوه و تعذيب صديقته بالعمل الشاق اللذي لا يستحمله الكبار فما بالك بطفلة من سنها ، و في أحد الليالي الصيفية الهادئة و بعد تفكير طويل قرر ( كابروش ) أن يأخذ صديقته و يهربا من العذاب اللذي يعيشانه و يتوجها الى باريس للبحث عن أمها ، و في حلكة الليل فرا بهدوء تام دون أن يحس بهما أحد ، و لكن وجهتهما كانت بعيدة و تتطلب رحلة بالعربة ، مما جعل أحد جيران أهل النزل و هي آنسة عجوز بغيضة تشي بهما لأهل النزل و الشرطة ، و حين جاؤو للإمساك بهم استطاع صديقنا الفرار وحده ، و لم يستطع بجسده الصغير أن يتدخل و يمنعهم جميعا من أخذ صديقته ، و لكنها ناشدته بتركها و الذهاب وحده و البحث عن أمها و اخبارها بكل شيء ...
سافر ( كابروش ) و حده لباريس و تاهت به الأيام و الأماكن في باريس الكبيرة ، و لكنه عرف بذكائه كيف يكسب قوت يومه ، و صار يجمع حوله المتشردين و كون مجموعة خاصة به و كانو يسكنون في داخل أحد التماثيل الكبيرة المهجورة ، بقي في باريس يبحث عن أم صديقته دون معرفته أنها متوفاة ، و بعد فترة طويلة من البحث عاد لينقذ صديقته مرة أخرى و لكنه تفاجأ بخبر مغادرتها مع رجل غريب !! فعاد لباريس حائرا متحسرا ، و عاد لحياته السابقة بمبدأ ( الحرية في كل شيء ) عاش مغامرات و أحداث و صار معروفا في المدينة الكبيرة ، و له عصابته الخاصة من الأصدقاء المحبين للخير ، و لأن الطيبين لهم نصيب الأسد من خير الدنيا ، شائت الأقدار مرة أخرى أن يلتقي بالفتاة اللتي لم ينها أو تنسه يوما ، التقيا بالصدفة بعد شجار مع راعيها و لكنه سرعان ما تحول للقاء عاطفي مليء بدموع الفرحة .
حكا لها ما صار و حكت له ما حدث معها ، ثم جعلته يقسم بأن لا يفارقها ، لم يسكن معها و راعيها الغني في منزلهما بسبب التنزاماته مع مجموعته و لكن لم يكن يمضي يوم دون رؤيتها ، و مضت أيام و أحداث بعد ذلك مع راعي الفتاة و لكن ( كابروش ) كان حاضرا و شجاعا و يعتمد عليه في كل المواقف .
و رغم كل شيء تم ذكره ، الا أن ( كابروش ) دائما ما كان كثير المزاح و النكات ، و دائما ما يفكر بيومه دون تفكيره في غده ، لم يكن صديقنا ذلك الشخص الهادئ و الحكيم بل كان متسرعا و منطلقا و مرحا ذو قلب طيب و لا يهمه من الدنيا سوى الأكل و اللهو و الذهاب بحرية لأي مكان و في أي زمان ...
العبرة من الشخصية :
(( الحرية الشخصية هي أن تفعل ما تحب في أي وقت تحب دون المبالاة بسخرية الناس فأنت غير مجبر بتفسير ما تحب لهم ، لذلك عش و افرح و انطلق و أسعد نفسك بنفسك ، فمن يدري هل سيكون هنالك غد أم لا ، و لكن افعل كل هذا دون أن تتعدى حدود الله ))

بقلم : Anwar Inaay