لعلها تنجيني،
تلك المرات التي جلست فيها أواسي أحدهم وأُطمئن قلبه
في الوقت الذي ملئني فيه القلق حد الإختناق والخوف.
لعلها تنجيني،
تلك المرات التي لم أشأ فيها أن أواجه إنسانًا بحجم الأذى الذي سببه لي،
واخترت أن امشي وأنا أردد: ربِ اغفر له ما تجاوزه في حقي، واغفر لي ما تجاوزته في حقه.
لعلها تنجيني،
تلك المرات التي سمعت بها كلام آلمني واخترت أن أكتم غيظي
بعدما صار قلبي قطعًا متفرقة صعب إعادتها والتئامها بسهولة.
لعلها تنجيني،
تلك المرات التي وقع فيها سقف توقعاتي على رأسي،
وكم الخيبات التي حصلت عليها وحاولت بكل جهدي ألا ينقطع الأمل داخلي رغم ذلك.
لعل كل ما أصاب قلبي ينجيني، و ترضى عني وتراضيني.. يارب.
لم أعُد في بَرِّ الأمان،
أنا الآنَ سَفينةٌ بلا مِرساة،
لم أعُد أعيشُ على تلك الضِفِّةِ أو ذلك الهامِشِ الضَيِّق.
لقد رَمَيتُ بنَفسي أخيرًا، رَميتُ بنَفسي لتَلتَقِمَني الأمواج،
أصبَحتُ الآن جُزئًا منَ المَوج، و سَمَحتُ لهُ بجَرفي بَعيدًا.
رَكِبتُ رياحَ القَدَر بعد إصرار، و مازلتُ أحَلِّقُ بمُحاذاةِ خَطِّ المُستَقبلِ المَجهول،
بلا خُطّةٍ أو مَنهَج. أقِفُ على شَفا حُفرةٍ منَ الغَيب،
و أعصِرُ كلَّ لَحظةٍ حتى القَطرةِ الأخيرة، لأستَخرِجَ خُلاصةَ الحَياة.
أسافِرُ إلى مُدُنٍ جَديدةٍ و عُصورٍ غَريبة،
فقَط من أجلِ التَجرِبةِ المُجَرَّدة.
لم أعُد أطارِدُ النَتيجة،
لم أعُد أبحَثُ عن الوجهةِ أو المَحَطّةِ الأخيرة،
فقد أسَرَني جَمالُ الرِحلة
أدعوك ربِّ ألّا تترك قلبي يركض وراء ما ليس له،
وألّا تعلقه بأملٍ واهٍ،
وألّا تدعه يضل الطريق أو يفقد الرفيق،
وأن تضمه يا الله تحت جناح رحمتك، وترعاه بلطفك، وتملأه برضاك."
"ربّي إن هذه الدنيا كبيرة وقلّبي صغير،
رحمتك واسعة وصبري يضيق،
علمك بأمرِ الدنيا وأمر قلّبي لا يعجزك؛
فتولاني فإنّي ارجو السير عن هذه الدنيا بقلبٍ سليم تحبه