"فأوجسَ في نفسِه خيفةً مُوسى
قُلنا لا تَخف"!
أوجسَ في نفسِه، لم ينطقْ خوفَه ولم يبُح به، لم يصُغْه في دعاءٍ ولم يتضرَّعْ به، فقط أوجسَه، فأتاه الردُّ على ما في نفسِه سريعًا، حازمًا، ومُطمئنا: "لا تخف"، ولم تكن الطمأنةُ مُفتقدةً السببَ الذي يجعلُها أوقعَ في النفسِ بل دعمَها السببُ المُضادُّ للخوف: "إنَّكَ أنتَ الأعلى"..
أحببنا الأدبيَّاتِ المُتعلِّقةَ بفهمِ الحبيبِ حبيبَه دونَ أن يحتاجَ إلى بوحٍ أو شرح، حتى صارَ أقصى ما يطلبُه الإنسانُ شخصًا يفهمُ خوفَه وحزنَه وقلقَه ومعاناتَه، رغمَ أنَّه خوفٌ عاجزٌ -في الغالبِ- عن التغييرِ وإزالةِ الأسباب.
ستظلُّ هذه الآيةُ فوقَ كلِّ أدبياتِ الحبِّ النافذِ الفاهمِ المُطمئن، ستظلُّ آيةَ القُربِ والحبِّ القديرِ على فهمِ المُعاناةِ وشفائها قبلَ أن يُفكرَ صاحبُها في إطلاقِ الأنَّة!
فأوجسَ في نفسِه خيفةً..
قُلنا: لا تخف. ..