الجنون لغةً الاستتار ، تقول العرب : جنّ الشيء يجن جنوناً إذا استتر .
يا غافلاً عمّا تجنّ ضلوعي ... أنسيتَ ويحكَ عَبرتي و دموعي
و جَنّ الليل يجنّ جنوناً وجناناً إذا دخل ، و منه قوله تعالى :
" فلمّا جنّ عليه الليلُ رأى كوكباً "
أماّ الجِنّ سموا كذلك لاجتنانهم عن الأبصار .
والجُنّة الدرع والترس لأنهما يستران .
والجَنَنْ القبر لأنه ساتر ، قال الشاعر :
لقد أدرجت ليلى هنالك في جَنَنْ ... فصبرٌ جميل ليس ينفعك الحزن
والجنين الولد في بطن أمه لأنه مستور .
والجِنّة ( بكسر الجيم ) أي الجنون ، لقوله تعالى : " أولم يتفكروا ما بصاحبهم من جِنّة "وكل هذا يؤول إلى معنى الاستتار فالمجنون المستور العقل . والفعل منه جُنّ يُجَنُّ جُنوناً فهو مجنون ..
أسماء الجنون
هذه اللغة التي اختارها سبحانه لتكون لسان خاتم الأديان و حرف معجزة البيان لا تكتفي بإطلاق وصفٍ واحدٍ على اختلاف حال الموصوف وإنما تتنوّع ووتفرع في دلالاتها اللفظية لتحقيق أعلى مستويات الدقة وموافقة اللفظ لمقتضى الحال ..
فللمجنون في اللغة أسماء كثيرة .
منها الأحمق والجمع حمقى كقولنا صرعى وجرحى . فعله / حمق يحمق حمقاً وحماقة فهو أحمق وحَمِق .
ومنها المعتوه وهو الذي يولد مجنوناً . فعله / عته فهو معتوه .
ومنها الأخرق وهو الذي لا يُحسن التقدير و التدبير ، والمرأة خرقاء .
ومنها الرقيع وهو الأحمق الذي يتمزق عليه رأيه وعقله . لقول الشاعر :
وما الناسُ إلاّ وعاة العلوم ... وسائرُهم غنمٌ في قطيع
وإنــا بُليـــنا ببلــهٍ حميــر ... ومحنةِ دهرٍ رقيعٍ رقيع
ومنها الممسوس وهو الذي تخبّطه الجن و الشيطان " كما يقوم الذي يتخبطه الشيطانُ من المس "
ومنها المُختَبِل و المُخبّل والاسم الخَبَل . ويُقال رجلٌ مخبول ومخبّل و مختبل .. لقول الشاعر
فكلنا مغرمٌ يهذي بصاحبهِ ... ناءٍ ودانٍ ومخبولٌ ومختبلُ
ومما يُقارب هذا الباب وليس بعينه قولنا : المُتيّم أي المُعبّد تيّمه الحب و عبّده و استعبده ..
ومنها الأهوج .. و الهائم وهو ذاهب العقل .
ومنها المدله .
تركوني مدلهاً ... أرتجي حج قابل
بعدما كنتُ ناسكاً ... زال نسكي بباطل
وكذلك الأبله ..
ومنها الواله والاسم الوَلَه وهو عند العرب الذي فقد وولده ففقد صبره ..
قال الأعشى يصف بقرة :
فأقبلت والهاً ثكلى على عجل .. كل دهاها وكل عندها اجتمعا
والهبنقع الأحمق المبالغ في حمقه ..
فهذه معظم أسماء المجانين و مشهورها المجنون والأحمق ..