الحمد لله رب العالمين، والصلاة والسلام على رسوله الكريم، وعلى آله وصحبه أجمعين، وبعد: الناس مَجْزِيُّون بأعمالهم؛ إنْ خيراً فخير، وإنْ شرًّا فشر، قال ابن القيم: (دلَّ الكتابُ والسُّنة في أكثر من مائة مَوضِعٍ على أنَّ الجزاء من جنس العمل في الخير والشر؛ كما قال تعالى: ﴿ جَزَاءً وِفَاقًا ﴾ [النبأ: 26]؛ أي: وِفْقَ أعمالِهم). صَدَقَ - رحمه الله - فإنَّ المُتأمِّل في كثيرٍ من الآيات والأحاديث يجد ذلك جليًّا وواضِحاً؛ فالجزاء من جِنسِ العملِ في "أثرِ العملِ الصالح في الدنيا والآخرة"؛ قال تعالى: ﴿ مَنْ عَمِلَ صَالِحًا مِنْ ذَكَرٍ أَوْ أُنْثَى وَهُوَ مُؤْمِنٌ فَلَنُحْيِيَنَّهُ حَيَاةً طَيِّبَةً وَلَنَجْزِيَنَّهُمْ أَجْرَهُمْ بِأَحْسَنِ مَا كَانُوا يَعْمَلُونَ ﴾ [النحل: 97]. و﴿ مَنْ عَمِلَ صَالِحًا مِنْ ذَكَرٍ أَوْ أُنْثَى وَهُوَ مُؤْمِنٌ فَأُوْلَئِكَ يَدْخُلُونَ الْجَنَّةَ يُرْزَقُونَ فِيهَا بِغَيْرِ حِسَابٍ ﴾ [غافر: 40].
والجزاء من جنس العمل في "الإمام العادل"؛ فإنه أحَدُ السَّبعة الذين يُظِلُّهم الله في ظِلِّ عرشه يوم لا ظِلَّ إلاَّ ظِلُّه. فكما كان الناسُ في ظِلِّ عدلِه في الدنيا؛ كان في ظِلِّ عرشِ الرحمن يوم القيامة، ظِلاًّ بِظِلٍّ، جزاءً وِفاقاً. والجزاء من جنس العمل في "التَّعامل مع الرَّعية"؛ ففي الحديث: مَنْ وَلِيَ مِنْ أَمْرِ أُمَّتِي شَيْئًا فَشَقَّ عَلَيْهِمْ فَاشْقُقْ عَلَيْهِ. وَمَنْ وَلِيَ مِنْ أَمْرِ أُمَّتِي شَيْئًا فَرَفَقَ بِهِمْ فَارْفُقْ بِهِ. ومَا مِنْ إِمَامٍ يُغْلِقُ بَابَهُ دُونَ ذَوِي الْحَاجَةِ وَالْخَلَّةِ وَالْمَسْكَنَةِ إِلاَّ أَغْلَقَ اللَّهُ أَبْوَابَ السَّمَاءِ دُونَ خَلَّتِهِ وَحَاجَتِهِ وَمَسْكَنَتِهِ.