دراسة لغوية دلالية للمفردات التي تتفق في البناء الصرفي من حيث ترتيب الحروف، وتختلف حركاتها.
وسميت مثلثات لأنها تجمع كل ثلاث كلمات في مجموعة، تتغير معانيها حسب حركاتها .
ويعني أن الكلمة إذا تغيرت حركة فائها أو عينها فإن ذلك يؤدي إلى اختلاف معناها وانتقالها من معنى إلى معنى دلالي آخر.
وضعها أبو علي محمد بن المستنير المسمى: "قطرب" فسميت باسمه.
وقد اشتهر بلقب (قطرب) الذى هو اسمٌ لدودة صغيرةٍ تخرج فى الليل ولا تَكُفُّ عن الزحف .
لأنه كان يأتى لأستاذه سيبويه فى الليل ليسأله عن أشياء علمية تشغله ،
وكان يبكِّر فى الفجر منتظراً خروج سيبويه ليتعلَّم منه ..
وذات يوم خرج سيبويه فى السَّحر (الثلث الأخير من الليل) فوجد تلميذه هذا ينتظره على الباب .
فقا له : أنت قطرب ! .. فاشتهر بذلك اللقب.
جمع قطرب كتابه في مثلث الكلام نثرا، وهو جزء صغير الجرم، كثير العلم ،
اشتمل على اثنتين وثلاثين مفردة مثلّثة حيث بدأ بمجموعة
(الغَمْرُ، الغِمْرُ، الغُمْرُ)، وانتهى بمجموعة (الصَّلُّ، الصِّلُّ، الصُّلُّ).
وقد كان قطرب أول من ألف في هذا المجال، ثم تتابع العلماء الأفاضل على الإضافة على ما بناه وسبق إليه،
فكان له فضل السبق، ولهم شرف الإتمام، رحم الله الجميع.
وقد تبعه غيره كالبطليوسي و الخطيب و البلنسي بمؤلفات فاقته من حيث عدد الكلمات المدروسة وتنوعها.
وقد عرض قطرب هذه المثلّثات بطريقته الخاصة،
إذ رتبها ترتيبا تصاعديا بدءًا من أخفّ الحركات،
وهي الفتحة وانتهاء بأثقلها وهي الضمة،
ثم يستشهد على المفردة بأحد الشواهد من القرآن والحديث والأشعار.
ومن أشهر الأمثلة على ذلك كلمة: الغمر،
فإنها جاءت في العربية بفتح الغين وكسرها وضمها،
ولكل منها معنى مختلف عن الآخر،
فهي بفتح الغين تعني الماء الكثير، وبكسرها تعني الحقد،
ومنه قوله صلى الله عليه وسلّم (( لا تجوز شهادة ذي الغِمر على أخيه ))
أي لا تجوز شهادة صاحب الحقد على أخيه،
و بضم الغين تعني الرجل الذي لم يجرب الأمور، وإن شئت فقل الرجل الجاهل.
وقد نظم هذه المعاني الثلاثة أحدهم فقال:
إنّ دموعي غَمر وليس عندي غِمر
يا أيها ذا الغُـمر أقـصر من التعب.
وأشهر من كتب في المثلّثات اللغويّة بالإضافة إلى قطرب:
1. أبو محمّد عبدالله بن محمّد البطليوسيّ النّحويّ المتوفّى سنة 520هـ.
2. أبو حفص عمر بن محمّد القضاعيّ البلنسيّ المتوفّى سنة 570هـ.
3. جمال الدّين المعروف بابن مالك المُتَوَفَّى سنة 672هـ.
وأشهر من نظم على مثلّث قطرب:
1. عبدالوهّاب سديد الدّين المهلّبيّ البهنسيّ، وأوّل نظمه: "يا مولعًا بالغضبِ * والهجر والتجنّبِ".
2. محمّد بن عليّ بن زريق ومن منظومته: "وابن زريق نظمَا * شرحًا لِمَا تقدّما * فربّما ترحّما * عليه أهل الأدبِ"، 977هـ.
3. الشّيخ عبدالعزيز المغربيّ المكناسيّ.
4. الأستاذ إبراهيم الأزهريّ، وأوّل نظمه: "الحمدُ لله الّذي هدانا * لمِلَّةِ الإسلامِ واجتبانا".
المثلّثات اللغويّة أو مثلثات قطرب
وإليكم أمثلةً من المثلّثات المختلفة المعنى، منتقاة من كتاب قطرب الموسوم بـ:
مثلثات قطرب:
1- السَّلام، السِّلام و السُّلام بفتح السّين وكسرها وضمّها مع التّشديد:
فأما الجَد – بفتح الجيم – فهو أبو الأب، وهو البخت أيضا،
وهو أيضا عظمة الله تعالى القائل:
(وَأَنَّهُ تَعَالَى جَدُّ رَبِّنَا مَا اتَّخَذَ صَاحِبَةً وَلَا وَلَداً) (الجن :3 )،