دخل عمر بن الخطاب على النبي- صل الله عليه وسلم-فإذا هو على حصير وعليه إزاره وليس عليه غيره، وإذا الحصير قد أثر في جنبه. قال عمر: وإذا أنا بقبضة من شعير نحو الصاع، وإذا إهابٌ معلق، فابتدرت عيناي، فقال ما يبكيك يا ابن الخطاب؟ قال عمر: يا نبي الله ومالي لا أبكي وهذا الحصير قد أثر في جنبك، وهذه خزائنك لا أرى فيها إلا ما أرى، وذاك كسرى وقيصر في الثمار والأنهار وأنت نبي الله وصفوته وهذه خزائنك؟
نستخرج من القصة في درس النبوة هذه الحكمة:
((بِحَسبِ المؤمن إذا دخل داره أن يجد حقيقة نفسه الطيبة وإن لم يجد حقيقةَ كسرى ولا قيصر.))
وحي القلم
اللهم هيِّئ لنا الخير، واعزِمْ لنا على الرشد، وآتِنا من لَدُنْك رحمة، واكتُبْ لنا السلامةَ في الرأي، وجنِّبنا فتنة الشيطان أن يقوَى بها فنضعُفَ، أو نضعُف لها فيقوَى، ولا تَدَعْنا من كوكب هداية منك في كل ظلمة شك منا، واعصِمْنا أن تكون آراؤنا في الحق البيِّن مكانَ الليل من نهارِه، أو تنزل ظنونُنا من اليقين النيِّر منزلة الدخان من نارِه، نسألُك بوجهك، ونتوسَّل إليك بحمدك، وندعوك بأفئدة عرَفَتْك حين كذَّب غيرُها فأقرَّت، وآمنت بك فزُلزل غيرُها واستقرَّت.
أفٍّ لهذه الدنيا! يُحِبُّها من يَخافُ عليها، ومتى خافَ عليها خافَ منها، فهو يَشْقَى بها ويَشْقَى لها، ومثلُ هذا لا يكادُ يُطَالِعُ وَجْهَ حَادِثَةٍ من حوادثِ الدَّهرِ إلا خُيِّلَ إليه أن التَّعَاسَةَ قد تَرَكَت النَّاسَ جميعاً وأقبَلَتْ عليهِ وَحْدَه.
المساكين
للرافعي رحمه الله