لا تُفكِّر كثيرًا ، ولا تبحَث حولَك ،
فأمامكَ كتابُ الله ، فيه الخَيرُ والسَّعادةُ ،
لكنَّ الغُبارَ عَلاه ، فما عُدتَّ تراه :"
أتُراكَ تشعرُ بلَذَّةِ الحَياةِ وأنتَ عنه بعيدٌ !
أتُراكَ تنجو وأنتَ لا تفتحه طِيلةَ العام !
أتُراكَ تسعَدُ وأنتَ لا تعرفُ ما يحويه !
لا تدَّعي الانشغالَ ،
لا تُبرِّر هَجركَ بكثرَةِ الأعمالَ ،
فكُلَّما ابتعدتَّ عنه زادكَ اللهُ بُعدًا .
تلاوةُ القُرآن لم يُخَصُّ بها العُلماءُ والمُقرِئونَ ،
فنبيُّكَ - صلَّى اللهُ عليه وسلَّم - يقولُ :
(( اقرأوا القُرآنَ )) رواه مُسلِم .
فلم يَخُصُّ بدَعوتِهِ وحَثِّه على القِراءةِ رَجُلًا ولا امرأةً ،
ولا كبيرًا ولا صغيرًا ، ولا عالِمًا ولا جاهِلًا ،
ولا جِنْسًا ولا لَونًا . لكنَّ الخِطابَ للجميع .
كُلُّ مُسلِمٍ بإمكانه أن يفتحَ المُصحفَ ، أن يقرأ منه، وإن كُنتَ أُمِّيًا لا تستطيعُ القِراءةَ، فعِندكَ القنواتُ تُتلَى فيها الآياتُ ليلَ نهار .
استمِع إليها ، وعِش بقلبِكَ معها
لا أُريدُكَ أن تقتصِرَ على القِراءةِ فقط ،
بل أُريدُكَ أن تَتَّخِذَ قرارًا جادًّا بحِفظِ القُرآن .
نعم ، ابدأ من الآن ، ولو حَفِظتَ كُلَّ يومٍ آيةً أو آيتين .
ليس الأمرُ صعبًا .
ليس الأمرُ مُعقَّدًا .
ليس الطريقُ طويلًا .
كم من السَّنواتِ مَرَّت عليكَ دُونَ أن تُحَقِّقَ فيها إنجازًا يُذكَر !
ما رأيُكَ لو كانت تلك السَّنواتِ مع كتاب اللهِ سُبحانه ؟!
مع آياتِهِ وكلماتِهِ ؟!
بالتأكيدِ سيكونُ لها طَعمٌ آخَر ،
سيكونُ لها ذِكرَى طيِّبةٌ عندك ،
ستكونُ في مِيزان حسناتِكَ .
لا تجعَل سِنَّكَ يُعيقُكَ عن الإقبال على حِفظ القُرآن ..
فغَيرُكَ خَتَمَه وهو في السِّتين ، وبعضُهم جَاوَزَها .
لا تجعَل مُستواكَ التَّحصيليّ قَيْدًا يُقيِّدُكَ عن الخير ،
فكم مِن مُعاقٍ إعاقةً ذِهنيَّةً حَفِظَ القُرآنَ وأتقنَه !
تأكَّد أنَّكَ تُؤجَرُ بنِيَّتِكَ ، فلا تحكُم على نَفسِكَ وأنتَ في مكانِكَ .
أقبِل ، تعلَّم ، رَدِّد ، كَرِّر ، حاوِل ،
لا تخَف من الفشل ، لا يُسيطِر عليكَ اليأس ،
جَرِّب ولا تكُن مُتكاسِلًا ،
ولا تُحَدِّد النتيجةَ قبل أن تسيرَ في الطريق .
ومِمَّا يَزيدُ في هِمَّتِكَ ويُقَوِّي عَزيمتَكَ :
أن تعلَمَ أنَّ القُرآنَ يشفَعُ لصاحِبِهِ في الآخِرة ليَدخُلَ الجنَّةَ ،
أن تعلَمَ أنَّ قارئَ القُرآن يُقالُ له :
(( اقرأ وارتقِ ورَتِّل كما كُنتَ تُرتِّلُ في الدُّنيا، فإنَّ منزلتَكَ عند آخِر آيةٍ تقرأ بها )) قال الألبانيُّ حسنٌ صحيح .
انظُر لأصحابِ الباطِل كيف يُدافعونَ عن باطِلهم، لنشره واستمراره ،
وكم يُسخِّرون له مِن جُهودَهم وأوقاتَهم وأموالَهم وهم في ذلك مأزورون .
وأنتَ يا مُسلِم ، يا مَن تسيرُ على طريق الحَقِّ
يا مَن رَضِيتَ باللهِ رَبًّا، وبالإسلام دِينًا ، وبمُحمَّدٍ - صلَّى اللهُ عليه وسلَّم - نبيًّا ،
ماذا فعلتَ لنصر دِينِكَ ؟!
ماذا قَدَّمتَ له ؟!
أراكَ تكاسَلتَ وتأخَّرتَ.
أَمَا فَكَّرتَ أن تنصُرَ دِينَكَ ولو بحِفظ كتاب الله تعالى
ومعرفةِ حُدوده وأحكامه ،
وتحويلها إلى واقعٍ عمليٍّ في حياتِكَ ؟!
لا تَقُل : هكذا الناسُ ، ولستُ الوحيد .
فأنتَ ستموتُ وَحدَكَ ، وستُبعَثُ وَحدكَ ،
وستُحاسَبُ وَحدكَ ، ولن ينفعَكَ إلَّا عملُكَ، ولن يبقى إلَّا ما قَدَّمتَ .