المعضلة ليست في طريقة التعامل بين الزوجين؛ المعضلة في معايير القياس لهذا التعامل بينهما.
- المرأة تستمع بعينيها وليس بأذنيها فانتبه للغة جسدك جيدًا أثناء أي نقاشٍ بينكما؛ فإنّ نظرةً منك أو إيماءة قد تحوّل أهدأ حوارٍ بينكما إلى معركة مهما كان كلامك طيب، وستظل للصباح وأنت تردد: "لا أدري ماذا قلت لأستحق عليه كل هذا؟! فكل ما قلته كذا وكذا .." وسترد هي عليك بمنتهى الانفعال والصدق: "لم ترَ نفسك وأنت تتحدث!" وستظلان هكذا ما لم تعتذر وتقسم لها أنّك لم تكن تقصد ما فهمته عيناها!
- تهدأ النون بالمعانقة، أكرر تهدأ المرأة بالمعانقة، أؤكد تهدأ النّساء بالعناق وليس بالاحتضان أو بالكلمة؛ وأمّا السّر وراء تأكيدي على لفظ العناق وليس الاحتضان لأن العناق يحدث من بالغٍ لغير بالغ -تمامًا كالأم أو الأب مع أولادهما- تصرّف مع زوجتك وكأنّها طفلتك؛ فإن ثارت اقترب منها فورًا، وليظهر عليك تأثرًا ليس لما تقوله كطلقاتٍ تؤذيك، بل لما تشعر هي به من ألم أو حزن ولامس هذا الألم فؤادك فتألم لأجلها، وهنا عانقها بقوة فكل ما تحتاجه هي في تلك اللحظة الأمان، كل النّساء بحاجةٍ إلى الشعور بالإحتواء بين الحين والآخر من دون سبب، تمامًا كالأطفال ولكنهنّ لا يكبرنّ .. .. أبدًا.
- وأمّا الرجال فلا يستمعون إلا وفيهم أو فوقهم منكِ أثرًا، على غرار مقولة أقرب طريق لقلب زوجك معدته، فإن لكل رجلٍ طريقًا مختصرًا إلى .. قلبه، عينه، أذنه، عقله، فإن أردتِ قلبه فعليك "بحلة محشي" وبعض اللحم، وهنا تحدثّي ولا حرج فلا يوجد رجلٌ عربيّ يختلف مع امرأته بعد إطعامه بالمحشي .. أبدًا، وإن أردتِ عينه فاجلسي صامتة لنصف ساعة سيأتي من تلقاء نفسه ليتفقدك إن كنتِ بخير، ساعتها قد يلحظ لون أحمر الشفاه الذي التهمتِ نصفه قبل أن يلحظه، وإن أردتِ عقله فقبل أن تباشريه بما لديكِ؛ حدّثيه أنتِ عن عمله، كأن تسأليه عن حاله مع زملائه أو كيف مرت تلك المشكلة التي قصها عليكِ منذ ستة أشهر وأنتِ تقومين بكيّ قميصًا له بيمناكِ، بينما يسراك تحتضن صغيرتك التي تبكي دون انقطاع! سليه عن تلك المشكلة ودعكِ من ردة فعله كيف أنكِ تتذكرينها بكل تفاصيلها وهو نفسه قد نسيها إلا قليلًا! على أية حال لا تملي من استماعه مهما أطال في حديثه عن عمله فالرجل يحب من تشاركه تفاصيله وهي منبهرة بكل ما يقول.
- وأمّا عن كيف يهدأ الرجال؟! فليس كلهم سواء، منهم من لا يهدأ إلا إذا رأى دموع زوجته، ومنهم من لا يهدأ إلا باعتذارها مرارًا وتكرارًا، ومنهم من يهدأ بعد حَكمٍ من أهله أو أهلها في كل كبيرة وصغيرة، ومنهم من يهدأ بالدلال والغنج، ومنهم من يهدأ بإسكات المرأة كليةً مهما لف عنها أو إليها دار، ومنهم من يهدأ من تلقاء نفسه بعد وقت يقضيه بمفرده، ومنهم من يهدأ بنظرة وابتسامة، ومنهم من يهدأ فورًا بعد أن يطرد كل شحنته السلبية من داخله، ومنهم من يهدأ بمجرد كلمة كلمة واحدة هي كل برَدَه وسلامه، فلا تجعلي من قصص الأخريات معيارًا لقصتك، ولا تجعلي فعل أو ردة فعل زوج غيركِ مقياسًا لردة فعل زوجك معك، ليس زوجها بأرحم من زوجك وليست هي أكثر حظًا منكِ كذلك، القصة أنّ ابتلاءها ليس في زوجها وأنت قد يكون ابتلاؤك في زوجك، ربما لديها من الابتلاءات ما لا تطيقنه فكوني نفسك ومع نفسك وفقط.
أحسنا إلى بعضكما على اختلاف التكوين، فقد خلقكما الله مختلفيْن لتكتملا، وبكمالكما تهون الحياة الدنيا على كبدها، ثمّ تبلغا معًا مبلغكما الأوّل .. أتذكرون شجرة الخلد؟! من أزلكما عنها هناك هو من أنساكم أنّكم من أنفسكم هنا.
من أنفسكم ..
العرض الشجري