كان الصَّحابي زاهر الأسلميُّ -رضي الله عنه- أعرابيّاً كلَّما قدم إلى المدينة أحضر الهدايا من البادية لرسول الله -صلَّى الله عليه وسلَّم- ، كما كان الرسول أيضاً يُهدي له ويقول فيه : (زاهِرٌ بادِيَتُنا ونحنُ حاضِرَتُه)..
وفي يومٍ كان زاهرٌ في السُّوق ، فرآه رسول الله ولم ينتبه زاهرٌ له ، فأتى النبي من خلفه بخفَّةٍ وأمسكه من الخلف واحتضنه وقال -عليه السلام- : (من يشتري هذا العبد)؟
فالتفت زاهرٌ فإذا به رسول الله -صلَّى الله عليه وسلَّم- يُمازحه.. فألصق زاهرٌ ظهره بصدر النَّبيِّ وسأله : أتجدني كاسداً يا رسول الله ؟ أي قليل السِعر ، مُعتقداً ذلك بسبب قُبح شكله ،
فأجابه -صلَّى الله عليه وسلَّم- أنّه غالٍ عند الله -تعالى- ، فقد روى أنس بن مالك -رضي الله عنه- هذه القصة فيقول : (فأتاه النَّبيُّ صلَّى اللهُ عليه وسلَّم وهو يبيعُ متاعَه فاحتضَنه مِن خلْفِه والرَّجُلُ لا يُبصِرُه فقال : أرسِلْني ، مَن هذا؟ فالتفَت إليه فلمَّا عرَف أنَّه النَّبيُّ صلَّى اللهُ عليه وسلَّم جعَل يُلزِقُ ظهرَه بصدرِه فقال رسولُ اللهِ صلَّى اللهُ عليه وسلَّم : مَن يشتري هذا العبدَ ؟ فقال زاهرٌ : تجِدُني يا رسولَ اللهِ كاسدًا قال: لكنَّك عندَ اللهِ لَسْتَ بكاسدٍ أو قال صلَّى اللهُ عليه وسلَّم: بل أنتَ عندَ اللهِ غَالٍ)..
لقد كان رسول الله -صلَّى الله عليه وسلَّم- يُحبُّ ممازحة أصحابه وإدخال البسمة على قلوبهم ، وقد وُصف رسول الله بالبشاشة وكثرة التَّبسُّم واللُّطف ، وقد أخرج الإمام الترمذيُّ -رحمه الله- في سننه عن عبد الله بن الحارث -رضي الله عنه- قال: (ما رأيتُ أحدًا أكثرَ تَبَسُّمًا من رسولِ اللهِ صلَّى اللهُ عليهِ وسلَّم)..
وكان -عليه الصلاة والسلام- رغم المُزاح لا يقول إلا صدقاً ، فقوله: (من يشتري العبد) كان مُزاحاً فيه حقيقةٌ ، وهي أنّ الجميع عباد الله -تعالى-..